5555 أوكرانيا

الإعلام الروسي : رؤية للثورة السورية والثورات العربية من داخل موسكو …!!!

 د.خالد ممدوح العزي / بالطبع يمكن طباعة كتاب لشرح الموقف الروسي من الثورة السورية بتفاصيل دقيقة ، ولكن حاولنا اختصار ما يمكن اختصاره من الإجابة ومحاولين الاحتفاظ على دقة المعلومات في علمية دراسة  موثقة لدينا من خلال حديث للإعلامي السوري المعارض ومدير موقع الحوار الالكتروني  5555 أوكرانيامعز أبو الجدايل من موسكو يتحدث إلى جريدة الرواد اللبنانية مع خالد ممدوح العزي .

1-    ما هي الإستراتيجية الإعلامية للمعارضة السورية في التعاطي مع روسيا .

لا اعتقد إن المعارضة السورية  لديها إستراتيجية إعلامية  في التعاطي مع روسيا ، وإنما وقعت فريسة سهلة  أمام الإعلام الروسي لتعزيز وتأييد الدعاية للحكومة الروسية أمام مجتمعهم، وقد مرت على مراحل عدة سوف نشرحها بالتفاصيل حسب توثيقنا لتطور الأوضاع ، وبالطبع دون إي محاولة لانتقاد احد من شخصيات المعارضة السورية ، رغم أخطاءهم الإستراتيجية الفادحة، ونتائجها تظهر في المستقبل المنشود لسوريا “مثلا عدم القدرة على بناء مؤسسات وطنية والبقاء في دوامة الشعارات المتناثرة من هنا وهناك – كما حصل في العراق”  ويمكن القول إن أسلوب عملهم لا يختلف كثيرا عن أسلوب النظام القائم أو الأحزاب  العربية التقليدية “ذات منبع واحد من الثقافة” ، مثال : الفشل في الحصول على الأهداف السياسية دائما سببه ، ليس عدم قدرتهم وجود برامج وطنيةأو الاستهتار بها وبالتالي عدم وجود مناورة السياسية تعتمد على التنظيم ، فهم معصومون عن الأخطاء وإنما “عقدة المؤامرة” دائما تتصدر خطاباتهم ، ونأمل ان يجتازوا هذه المرحلة للتخفيف عن التكاليف الباهظة والتي يدفعها أبناء الشعب السوري،  لاننا مازلنا نؤكد ان الثورة السورية انطلقت ومن قانون اجتماعي “التراكم الكمي يؤدي إلى تحول كيفي” إي أن أخطاء النظام القائم في سوريا عبر عقود  هي التي أدت لهذه النتيجة ، وهي كانت متوقعة لنا ، وقد عبرنا عن ذلك عندما طلب الروس في عام  2010 وقبل بداية الربيع العربي في  دراسات صحفية عن البلدان العربية وخصوصا ذات النظام الجمهوري، حسب ما قالوا آنذاك  يريدون وضع سياسة جديدة لروسيا، كنا قد نصحناهم بعدم أتباع سياسة الاتحاد السوفيتي في دعم الأنظمة بدل من الشعوب ، وللآسف جاءت الأحداث عكس ذلك تماما ،  إن ماحدث في تونس  وأدى إلى اندلاع الثورة كما يقال : كان مثل “صب الزيت على النار” والإسراع في تلك العملية في سوريا، وهنا نحن باحترام لعملنا الصحفي    نقوم بتقديم عرض موثق لتطور الأحداث في سوريا ، ومن التوثيق  نستطيع ان نفهم ونشرح الكثير من الأمور  ،سنقدم عرضا سريعا للمواقف الروسية منذ اندلاع  الربيع العربية ،  وأهميتها تتركز في فهم طبيعة الروس والية عملهم السياسي، وكيفية تفسير الظاهرة السياسية لديهم ، فقد ظل الإعلام الروسي مؤيد للنظام في تونس  ونجد أثناء الثورة التونسية تسود “كلمة أعمال الشغب” بدلا من احتجاجات شعبية أو ثورة في تونس ، مثال ندعم ذلك بالرابط التالي    (1):

وبعد انتصار الثورة التونسية  بدأ الحديث لدى الصحافة الروسية،  ونجد التغيير الواضح في الاعلام الروسي : وهذه الروابط  لها دلاءل ” نجد بدل من اعمال الشغب استبدلت با احتجاجات شعبية “(2).

ومع ذلك كما يقال “الدب الروسي لم يكن مستيقظا وفي نومه العميق” بعد هروب الرئيس التونسي شاعت في الاوساط الروسية  الاستهزاء بالرئيس التونسي المخلوع ، والقول ماهذا الرئيس الذي يهرب؟ وبالطبع هو دليل أخر لدينا على العقلية الشرقية للروس (الايمان بالزعيم القائد والتي مازالت سائدة لديهم وليس مثل الدول الاوروبية والولايات المتحدة التي حل محل الزعيم القائد مؤسسات مدنية تقود المجتمع والزعيم هو الناطق باسمها) واما مع اندلاع الثورة المصرية نلاحظ هنا ان الاعلام الروسي ايضا وصف المتظاهرين بالمشاغبين ولكن في الاوساط الروسية والمحللين  السياسيين نلاحظ الفرحة للخلاص من رجل يطلقون عليه “عميلا فاضحا للولايات المتحدة وضد مصالحهم” وها قد بدأت ساعة السقوط، وقامت القنوات الروسية بمتابعة  الاحداث في مصر بشكل مباشر ويومي على القنوات الروسية والمختصة بالاخبار 24 الروسية ، ومع ذلك نلاحظ محاولة لتشويه الثورة المصرية ، حين وقعت اشتباكات بين المتظاهرين (المؤيدين للرئيس المخلوع حسني مبارك وشباب الثورة” وبشكل مقصود ظلت وسائل الاعلام الروسية تتناقل هذه الصورة لفترات طويلة ، كنا نراقب المستشرقين الروس وتحليلاتهم للتطور الاحداث ، ونقول انهم ضعيفوا الخبرة في المنطقة ، لكن الزمن له جواب اخر، فهي كانت موجهة للداخل الروسي لها اهداف كثيرة ، وخاصة داخلية ،  ومع اندلاع الثورة الليبية نجد ان روسيا بدأت بسياسة جديدة ، وخاصة بعد ان قام حلف الناتو بتنفيذ الحظر الجوي ، وتدمير الالة العسكرية “روسية الصنع”  للعقيد القذافي وقد وصف ذلك  رئيس الوزراء فلاديمير بوتين ان ذاك “اشبه بالحرب الصليبية على ليبيا” ، وعند اندلاع الثورة السورية كانت كما يقال كفة الميزان راجحة بان الروس سيقومون في تاييد النظام السوري .

 كانت وسائل الاعلام الروسية بشقيها الرسمي ،والغير رسمي  تنشر الشائعات الاكثر تداولا بين الناس تشن هجوما عنيفا على  الغرب والولايات المتحدة الامريكية بالتحديد. من خلال وسائل الاعلام ،  وبسرعة هائلة بدأت تنتشر في الاوساط السياسية الروسية والشعبية ، بان  الولايات المتحدة الامريكية تريد احتلال سوريا كما حدث (احتلال افغانستان والعراق وليبيا) وان روسيا سوف تدافع عن الاسد ولن تتاخر كما فعلت ذلك في ليبيا. وظهرت الكثير من الشائعات ايضا بين الناس بان الرئيس ميدفيدف يتحمل شخصيا خطأ ، السماح للناتو بضرب القذافي. وإعطائهم الشرعية الدولية(3).

2-    كيف يتعاطى الإعلام الروسي مع الثورة السورية في وسائل إعلامه.

مع اندلاع الثورة السورية كان الاعلام الروسي قد اتبع سياسة مختلفة عما كان عليه في الثورات العربية الاخرى ، كان  التجاهل  واضحا للاحداث ، ولا يتم نقل ما يحصل في سوريا الا بعد  مرور فترة من الزمن وبشكل سريع كما في الرابط التالي (4). نلاحظ أيضا مع سياق نقل الحدث (المتظاهرون السوريون يغطون رؤسهم) ، وهي مثل اشارة مبطنة بمفاهيم بوجود إرهابيين و المرتزقة(5). بغض النظر عن نقل الخبر بعض التعليقات المقصودة للمشاهد الروسي، نجد البرامج المكثفة عن سوريا

هذه احدى البرامج السياسي  التي تبث في القناة الاولى الروسية ومن شخصيات صحفية روسية مشهورة بالنسبة لهم وله شعبية لدى المجتمع الروسي : ترجمة الية للبداية

(وبدأت حرب المعلومات ضد سوريا في وقت واحد تقريبا مع الناشئة، وهناك اضطرابات قد تعتمل لفترة ثانية. الهدف – لإظهار أن “النظام الدموي من الأسد” اتفاقات السلام مع المتمردين الذين هم بحاجة للدفاع عن بنشاط من الغرب إلى النموذج الليبي.  الرابط الاول جميع البرامج المنشورة في هذه القناة  على(6).  أما هذا الرابط فهو بداية سلسلة من البرامج في القناة الأولى الروسية (7).

3-    لماذا يتبنى الإعلام الروسي وجهة نظر النظام ويشوه حقائق الثورة.

يمكن فهم الموقف الروسي من كلمة قالها رئيس روسيا السابق ميدفيدف بعد الثورة التونسية وفي قمة الدول الصناعية الكبرى وتعليق له على الاحداث، يجب ان نتعلم ان ما حصل في تونس يمكن ان يحصل في اي دولة اخرى من العالم؟.

اولا : لمراقبة الاحداث خلال السنوات السابقة من احداث الشيشان ومحاولة الانفصال و ما حصل بجورجيا  “ثورة الورود 2003” ،  اوكرانيا “الثورة البرتقالية 2004”  وقرقيزيا عام 2010 ، ومراقبة الموقف الروسي لا نستغرب الموقف الروسي من الربيع العربي ، رغم انهيار الاتحاد السوفيتي لكن بقيت هذه الدول خاضعة للنفوذ الروسي وما حصل في تلك الدول كانت موسكو قد اعتبرته عداء على مصالحها وبداية خطر محدق بها بعد محاصرتها لتبدا الخطوة التالية الا وهي مشروع تقسيم روسيا .

ومن هنا نجد استنفار الاعلام الروسي قد بدأ ،  وخاصة للمراقبين الصحفيين والسياسيين يمكن ان يلاحظ هذا ، بعد ان كانت برامج الاعلام الروسي  ضد الاتحاد السوفيتي وزعمائه ، في 2006 كان قد بدا الاعلام الروسي يعيد المجد الى ستالين بالدرجة الاولى وزعماء اخرين من زعماء الاتحاد السوفيتي، ومن جهة اخرى على الساحة السياسة الداخلية،  قام بوتين بتصفية كاملة لخصومه ، لتبدأ مرحلة جديدة من الصراع الداخلي في روسيا، ونلاحظ ايضا ازمة الدرع الصاروخي في نهاية حقبة  الرئيس الامريكي جورج بوش بدأ يظهر مصطلح الحرب الباردة الثانية ، وقد علقت على ذلك وزيرة الخارجية الامريكية رايس ” بانه هراء”  ولكن الاعلام الروسي كان قد بدأ استراتيجية جديدة ، باعادة الترتيب الداخلي ، وبناء ثقافة معادية للولايات المتحدة ، بثوراتها الملونة كما يقال ، وايضا لا بد من ملاحظة ذلك الخوف لديهم من  محاولات تقسيم روسيا  وبالتالي يمكن فهم ان الروس يشعرون بالخطر لذا هم يرسمون سياسات دفاعية، ومن الخطأ فهم ان الروس يؤيدون النظام في سوريا حبا به او حليفا لهم ولكن بقاء هذا النظام او وجود نظام مؤيد لهم بالنسبة ولسياساتهم هو خط دفاع اولي واستراتيجي ، في الدفاع عن مصالحهم الوطنية، يجب ان لا يسقط لكي لا يقترب الخطر عليهم وفي خطوط دفاع اخرى لهم ، واذا سالنا لماذا سوريا بالتحديد يمكن الاجابة من ناحية الزمنية اندلاع الثورة السورية اخر الربيع العربي  ومن ناحية ثانية ان الروس يعتبرون سوريا رغم صغرها  وفي هذه المقالة عام 2008  نجد من هذا العنوان بماذا وكيف يفكر الروس : يمكن لروسيا الحصول على موطئ قدم في الشرق الأوسط عبر سوريا (8). من هنا نلاحظ ان تفكير الروس هو على الشكل التالي “سوريا هي باب مفتاح الدخول الى البلدان العربية والتي تستطيع الترويج لافكارها وسياساتها ” وبغض النظر عن تصريحات المسؤولين الروس العلنية بان مصالح روسيا ليست بتلك المصالح الاقتصادية مع سوريا نؤكد ان كلامهم صحيح  من هذه الناحية  والرابط  نذكره مثال لماذا لا يمكن الحديث عن مصالح او حليف  : الكثير يتحدث عن القاعدة البحرية للروس في مدينة طرطوس وهي مهمة لهم : للتدقيق في هذا الرابط (9) :

“نجد ان 2.4.2011 ” ذكرت وكالة أنباء نوفوستي الروسية الرسمية أن سليمان أبو دياب، القائم بأعمال السفارة السورية في موسكو , أكد أن روسيا لم تتقدم بعد بطلب إلى سورية لاستحداث قاعدة عسكرية متكاملة لأسطولها البحري في مدينة طرطوس”

لا بد لي من الحديث عن استهتار شخصيات المعارضة السورية بالتخطيط الاستراتيجي واللجوء الى البطولات الفردية القاتلة في هذا العصر مما ساهمت في قرارت الروس الحاسمة وتشددهم  يوما بعد يوم بموقفهم :

كان الرئيس الروسي  قد عين  مبعوثا خاصا له ميخائيل مارغيلوف  في قضايا الشرق الاوسط، اي ان الروس لم يكونوا قد حسموا امرهم  فقد كانوا في موقف الوسط و امام خيارين حسب تطور الامور التي تحدد لهم الخيار الاستراتيجي المناسب لهم  الاول يتمثل بـ”وزارة الخارجية ” التي تحتفظ بعلاقات جيدة مع النظام ، ومؤسسة الرئاسة عبر مبعوثها  والتي تبني علاقات جديدة مع شخصيات المعارضة السورية ، وقد زارت وفود المعارضة السورية موسكو لكن سوف نتحدث عن زيارة الوفد من المعارضة السورية في 9 أيلول (سبتمبر) 2011 والتي تعتبر خطأ استراتيجيا فادحا ، كان الرئيس الروسي دميتري ميدفيديف قد استبق زيارة وفد المعارضة السورية وأعلن في تصريحات لتليفزيون ” اليورونيوز ” في الثامن من ايلول : ميدفيديف: بعض المحتجين على الرئيس الأسد إرهابيون (10).

كان من المفترض ان يقوم الوفد المعارض بقطع الزيارة الى موسكو انذاك ، كرسالة احتجاج على تصريحات الرئيس الروسي انذاك “وجود ارهابيين بين المحتجين”، لان من طبيعة الروس حب المناورات ويستخدمونها في معرفة طبيعة الشخص الذي يتعاملون معه ، فما كان قدوم الوفد المعارض الى موسكو الا مؤشرا لهم ، بان القادمون هم  ليسوا رجال سياسة وطنيين وانما عملاء للغرب يبحثون عن مصالح خاصة، وطبعا ذلك بحسب مفاهيمهم الروس وتقديراتهم، وهنا اضاعت المعارضة السورية الممثلة بالمجلس الوطني  فرصة سامحة لاثبات  هويتها الوطنية بنظر  الروس .

والدليل على انها كانت مناورة من الرئيس الروسي ديميتري ميدفيدف انه صرح تصريحا معاكسا تمام في 7 تشرين الاول ” مدفيديف يحث الأسد على إجراء إصلاحات أو التنحي” وتستبق زيارة وفد المعارضة كما اطلق عليها “المعارضة الداخلية” يرأسها  قدري جميل  في 11.10.2011

رابط باللغة العربية (11). رابط باللغة الروسية (12). وهنا نلاحظ ان الموقف الروسي كان قد بدأ تبلور ، وبدأ يتجه الحسم لدى الروس في امورهم الاستراتيجية  الى كفة التأييد النظام  وتبني دعايته عن المؤامرة،   سنتطرق قليلا الى الوضع الداخلي في روسيا للتشبيه بالحالة السورية ، ففي روسيا ايضا هناك ما يطلق عليها معارضة داخلية تتمثل باحزاب  تخوض الانتخابات ضمن اطار النظام القائم في روسيا  مثل “جيرنوفسكي زعيم الحزب الليبرالي الروسي و زيوغانوف زعيم الحزب الشيوعي الروسي ” وهناك معارضة خارجية مثل “الكسندر ليتفينينكو” .

من هذه المقارنة نجد ان الروس يفكرون بهذه الطريقة ايضا ، ما اطلق عليها المعارضة الداخلية “قدري جميل واعوانهم” هم اشبه ب(زيوغانوف و جيرنوفسكي وو) اما المعارضة الخارجية الممثلة بـ “المجلس الوطني” فهم عملاء للغرب تشبه المعارضة الخارجية في روسيا “الكسندر ليتفينينكو”.

 

4-    كيف يتعاطى الإعلام الروسي مع المعارضة السورية في نقل وجهات نظرها

 

ظل الاعلام الروسي الذي يبث باللغة الروسية يتجاهل المعارضة السورية لفترة طويلة ، وعندما بدأ يتصل بالمعارضة السورية  ليستخدمها بما يناسب برامجه ، ولاثبات صحة مايقوله للجمهور الروسي  وبما ان المعارضة السورية تفتقد لخبرة في السياسة وفهم الية الاعلام والعمل الصحفي المستقل ودوره في نقل المعلومة ، فقد  كانت تعتمد على ما يمكن ان يقال عنها  “بطولات فردية وليس التخطيط الاستراتيجي ” ، لذا وقعت في مصيدة الاعلام الروسي لتحقيق اهدافه

من هذا الرابط نجد كيف ان الاعلام الروسي يستخدم المعارضة السورية في اهدافه : (13)

 ومن هذا الرابط يمكن ان نجد ليس فقط ان استخدام المعارضة كفريسة سهلة بيد الاعلام الروسي وانما ايضا التعليقات المكتوبة لديها دلاءل على الثقافة المنتشرة في روسيا (14).

فاغلب الشخصيات المعارضة تفتقد لذلك ، وهي تفكر بطريقة “العمل الحزبي ولا العمل الصحفي” ، والاعتماد على البطولات الفردية وليس التخطيط الاستراتيجي ، فالروس لديهم بثقافتهم والمتعارف عليها بان “المسؤول هو دائما على حق، وان كان مخطئا”  لم تستطع المعارضة السورية بعد ان استطاع الاعلام الروسي من السيطرة على الشارع الروسي في

5-    كيف ترون تغطية الإعلام الروسي لمسار الثورة السورية بكافة أنواعه وخاصة العربية منها كروسيا اليوم وإنباء موسكو وصوت روسيا.

لا بد من تلك المقدمة قبل الحديث عن الاعلام الروسي عن الثورة السورية وباللغة العربية، فهو ياخذ طابعا يختلف كثيرا عن الاعلام الروسي في اللغة الروسية ، بحيث ان هذا الاعلام موجها الى الجمهور العربي ، رغم ان له دور لا يخالف دوره عن الاعلام الروسي الموجه للداخل ، ونجد انه مزج بين الثقافة الروسية والعربية  للحصول على اهداف المرسومة له ،  مثال يتم التركيز على الصراع العربي الاسرائيلي كمحور اساسي لطرح الموضوع ، بالاضافة الى ربط العلاقة المميزة بين الولايات المتحدة الامريكية مع اسرائيل “نفس الوتر الذي كان يعزف عليه الاتحاد السوفيتي”  وهي تعتمد على احزاب سياسية وشخصيات كانت من ضمن  نفوذها ومنظومتها السابقة في زمن الاتحاد السوفيتي ، واذا دققنا في الفترة الزمنية لبداية عمل القناة ، نجد انها لم تكن عبثا ، هي ضمن بناء استراتيجية جديدة لروسيا، وكذلك ايضا تم اعادة افتتاح جريدة “انباء موسكو” ومع بداية الربيع العربي ومن ثم كان قد تم دمجها مع ريا نوفستي ، وهذا  في سياق بناء الاعلام المناهض للولايات المتحدة الامريكية واوروبا ، وللدفاع عن مصالحها هنا نقصد مصالحها “عدم تقسيم روسيا” لان مصالحها الاقتصادية والتجارية مرتبطة بالدول المتطورة  وليس بدول العالم الثالث كما يظن البعض، وما زالت ضعيفة وغير قادرة على اتخاذ مثل هذه الخطوات واذا دققنا مثلا في الاسواق الروسية نجد انها شبه خالية من البضائع المحلية . كلها مستوردة

وبالطبع رغم ضحامة الاعلام الروسي هنا فشل في بناء جمهور له ، في المنطقة العربية ،  والجمهور الذي يتابعه فقط هم بقايا ومخلفات ما سمي “بحركات التحرر العربية” . عندما كان الاتحاد السوفيتي وكانت الشعوب العربية “تحت تاثير التنويم المغناطيسي لهذه التجربة” كان قد حقق الاعلام السوفيتي نجاحات باهرة في كسب التاييد العالمي ، واما الان لا يستطيع تحقيق نفس المكاسب السابقة له اسباب عدة.

1-    في الماضي كانت الشعوب قد ذافت مرارة الاستعمار اما في وقتنا الحاضر فقد ذاقت شعوبنا وبشكل مضاعف  مرارة تلك الانظمة الديكتاتورية، والية تفكيرالروس لا يعترفون بواقع الامر وانما يفكرون بصنعه وحسب رغباتهم،  مع ذلك لا يمكن تجاهل المناورات التي  يعتمد عليها الاعلام الروسي  دائما : لزرع مسلمات تكون مفيده لهم مستقبلا ، تستخدمها قوى عربية في تصديق رواياتها ” يجب الانتباه فبرصد تناقل المعلومات نجد ان الشائعات التي تبثها قناة روسيا اليوم تاخذ صدى في بعض الاوساط العربية” ، مثال مع انطلاق الثورة السورية ظهر برنامج على روسيا اليوم   ” قناصون مجهولون يصنعون التأريخ مجددا” وبالتدقيق نجد ان الباحث الروسي نيقولاي ستاريكوف يروي قصة قصير بدلا من اثبات هوية القناصين (الاسم وكيف دخلوا الى البلاد مثلا) نجد انه يظهر لنا صورة للقناصة يقول انهم بريطانيين او اومريكان دون إثبات واقعي ملموس (15).

 وهذا رابط البحث في غوغل عن انتشار أفكار  الكاتب الروسي نيقولاي ستاريكوف الخيالية عن القناصة (16). مع انطلاق الثورة السورية كنا نلاحظ ظهور شخصيات المعارضة السورية على قناة روسيا اليوم والاجابة عن اسئلة، لقناة روسيا اليوم التي اعتمد مع مرور الزمن على خطوات متنالية الاولى : ترسيخ معادلة ان جوهر المشكلة في سوريا بين (النظام والمعارضة) ، وليست ثورة شعبية رغم ان هذا منافيا للواقع ففي بداية الثورة لم يكن دور للمعارضة السورية باندلاع الثورة السورية ، وحتى المجلس الوطني لم يستطع تشكيله الا بعد شهور على اندلاع الثورة السورية. وبعد تشكل المجلس الوطني  بدأت الخطوة الثانية ،هي ان المعارضة السورية هي عبارة عن مؤامرة خارجية تقودها الولايات المتحدة الامريكية ، وتنفذها تركيا وفرنسا ،

وبالتالي نجد ان الاعلام الروسي اكثر دهاءا من الاعلام السوري في طرح هذه النظرية التي يريد ليس  اثباتها فقط، فهو يعتمد على الزمن ومناورات لاثبات افكاره  لكن بحسب راي انها فاشله في اقناع المواطن العربي بشكل عام والمواطن السوري شكل خاص لانه يعيش الحقائق على الارض.

 

6-    كيف تقيمون دور الإعلام المعارض في تنسيقية الثورة في روسيا والعالم وخاصة بان موسكو جزاء أساسي من المشكلة السورية.

من خلال ما شرحنا سابقا لا يمكن تقيم الاعلام المعارض في تنسيقية موسكو ،ولا حتى على مستوى المعارضة السورية،  لانه غير موجود بالاصل ، ماهو موجود بالفعل ، ما نطلق عليه “ثورة الاعلام الجديد”  وما يتم نقله عبر الفيس بوك وهو جهود شعبية  وشبابية لنقل المعلومات ولكن غير منظم ، و اذا دققنا في المواقف الدولية نجد ان المواقف الدولية تستغل الاحداث لدفاع عن مصالحها ، الدول المتقدمة الممثلة في الولايات المتحدة واروبا ، وبدراستها المؤسساتية  والعلمية لا يمكن لها ان تجد مصالحها مع النظام السوري المائل للسقوط، اما روسيا والصين وبحسب مفاهيمها التي تخضع لمعايير مختلفة من مخلفات الحرب الباردة ، لا يمكن لها مشاهدة خط الدفاع الاول عن مصالحها  بالسقوط ، ولعدم وجود اعلام معارض له استراتيجية ، يخطط يفهم ماهي  المصالح الوطني ، وما هي السبل لتحقيق الاهداف ضمن هذه الدائرة ، نقدم السبب في ذلك التقييم  ونعطيه بالمثال الاتي : اغلب الدول تمر بمرحلة انتخابات ، ابتداءا من روسيا الى الولايات  الامريكية ، فلم نلاحظ ان الاعلام المعارض يهتم بذلك ، وانما يقف الجميع  بانتظار نتيجة الانتخابات ، وكيف يمكن طلب المساعدة من اجل ان يساندوا الثورة السورية علما أن هذه الانتخابات يمكن ان تلعب دور كبيرا في دعم الثورة السورية قبل حدوثها.

7-    لماذا لم تستطيع إعلام المعارضة من الدخول إلى عقول وقلوب الروس وإقناعهم بأهمية الثورة السورية والتي بالأصل عاشها الشعب الروسي في الماضي”عند سقوط جدار برلين والمعسكر الاشتراكي وذهاب الأحزاب الدكتاتورية.

بغض النظر عن ان اعلام المعارضة غير موجود اصلا ، لكن حتى اذا كان موجود فهناك معوقات كثيرة ، والهدف من التخطيط الاستراتيجي هو انك تعرف المعوقات مسبقا ، وتكون قد وضعت طرق عدة للمناورة السياسية لازالة هذه المعوقة ، لكل بلد ثقافة ومسلمات متعلقة بتاريخ هذا البلد وبالاضافة الى  طبيعة النظام القائم ،والخوض في حوار مع الروس يجب ان يتسم بالدبلوماسية المنظمة او الجرعات المتتالية، كما يفعل الاعلام الروسي مع مواطنيه وليس بشكل مباشر ، لان الحوار المباشر معهم كمن يخوض حرب ضد ثقافتهم  نحاول استعراض سريع ولايصال الفكرة

1-    الروس مازالوا يعيشون بكبرياء الدولة العظمى، ومنذ زمن الاتحاد السوفيتي تم بناء المواطن الروسي على هذه الالية ، فهم لا يسمعون احد غير قيادتهم ولديهم هذه المقولة “انت رئيس انا غبي انا رئيس انت غبي”.

2-     من خلال الاستعراض السابق لتاريخ تطور الاحداث السياسية في روسيا نحدد المصاعب كثيرة التي ستواجهنا في رسم استراتيجية. وخصوصا في المسلمات او البديهيات التي يعتمد عليها المواطن الروسي في نظرته للموضوع مثال : عندما تتحدث لهم عن ان الاعلام الروسي غير صادق ، هو يقول لك انا لا اثق بالاعلام الروسي ولكن عندما تبدأ الحوار معه تلاحظ نفس البديهيات التي ينطلق منها الاعلام الروسي يتحدث عنها ، اذا هو لا يفكر وانما يتلقى المعلومات فقط ويدافع عنها ، وغير مهتم لها بالاصل لديه مشاكل اقتصادية واجتماعية هي المهم بالنسبة له ، هي نتيجة لطبيعة النظام القائم في روسيا

3-     ولا بد ان نقول ان المشاكل الداخلية  التي يعاني منها المواطن الروسي، خاصة مسألة توزيع الثروة في روسيا ونشوء طبقة غنية بعد سقوط الاتحاد السوفيتي ، توسع الطلبقة الفقيرة على حساب الطبقة الوسطى تجعل اهتماماته بعيدة عن السياسة ولا تتجاوز نسبة المهتمين بالشان السياسي نسبة 30 % ، فبعد سقوط جدار برلين والمعسكر الاشتراكي بديكتاتورياته ، ونظرا لفشل روسيا في التحول الديمقراطي وما نتج عنه من مشاكل، اجتماعية نجد ان الروس يقولون هذا علنا وباستهزاء وفي زمن الثورة المصرية والتونسية  وعلى شاشات التلفزة : لا يفهمون شيئا نحن كدولة عظمى فشلنا في ذلك ، ووقعنا بمصيدة المؤامرة  بتدمير الاتحاد السوفيتي فهل بلدان مازالت متخلفة يستطيعون فعل ذلك ؟ وهنا نلاحظ الدعاية المضادة والمساندة للحكومة وحمايتها من  حدوث تحركات شعبية مشابه ،  الجهل السياسي للواقع الذي يعيشه المواطن الروسي (قد يكون متعمدا لان المواطن الروسي يبحث لقمة عيشه اولا).

8-    بصفتكم الخاصة كإعلامي وخبير بالإعلام ماهية الإستراتيجية التي يجب أن تضع للتعامل مع الإعلام الروسي بظل استمرار الثورة في سورية للتقرب من عقول الروس

منذ اندلاع الثورة السورية  حتى الوقت الراهن وللا سف لا يمكن الحديث عن وجود الخطة الاستراتيجية  ، او حتى الامل في التفكير بهذا من قبل شخصيات المعارضة السورية مع العلم ان وقتا طويلا مر على اندلاع الثورة السورية فما زالت تتجاهل ضرورة بناء مؤسسات وطنية ، مازالت مؤجلة حتى اسقاط النظام ، لماذ!؟ الجواب بشكل بسيط  لم يخرجوا حتى الان، من قوقعتهم والتي سادت لعقود. الشعارات اهم من التطبيق ، وان فكرت هذه الشخصيات ببناء مؤسسة يجب ان تكون خاضعة لسيطرتها ، هذا التفكير لديهم ليس بشكل واع وانما ارث يحملونه من المرحلة السابقة،  فهي ثقافة قد ورثتها اجيالنا من اخطاء “للاسف اطلق عليها الان حركات التخريب العربية” ، فتجربتها كانت مؤلمة للمجتمع والدولة معا.

لكن رسم الخطة الاستراتيجية  في هذه الحالة تكمن في رسم هدفين الاول يعتبر أني يجب ان يتناسب مع متطلبات المجتمع  الثائر وهذه المرحلة القائمة هي التي تمهد الطريق للهدف الثاني او الثالث بعيد الامد ، وهذه الخطة الاستراتيجية لا يمكن لها ان تتم دون توافق مؤسساتي جديد ، المؤسسة السياسية ومدى تعاونها واستجاباتها لمؤشرات الصحافة الوطنية المستقلة ، وليس لمؤسسات الصحافة الحزبية  اذا دققنا قليلا في تصريحات شخصيات المعارضة نجد انهم مازالوا بعد مرور هذا الزمن متأخرين عن متطلبات الشارع السوري ، فهم يبحثون عن قاعدة شعبية لهم، اما بتكرار شعارات الناس في المظاهرات، بدلا من تحقيق نتائج سياسية ملموسة للشعب وبالتالي الحصول على ثقة الجماهير 

ومن هذا الوصف السابق استطيع ان اقول  “اذا كان الكلام من فضة فان السكوت من ذهب”،ابتعدت عن الاعلام الروسي واي محاولة للاتصال بهم او الاتصال معي ، لكن بعد الفيتو الروسي الصيني الثاني اتصل بي احد الاصدقاء لجلسة التعارف مع صحفيين ووجدت نفسي امام مقابلة لمجلة عسكرية استراتيجية روسية ، ومن خلال الحديث نتجت هذه المقالة : (ارسل لكم المقالة المنشورة باللغة الروسية)

 وفي النهاية رغم توقعاتنا بحدوث الربيع العربي فانه جاء مبكرا ” جرت الرياح بما لا تشتهي السفن” جاء هذا الربيع ومازالت مقيما في موسكو ، وتخطيطنا في جريدة الحوار المفتوح كان لبناء مؤسسة صحفية مستقلة لها ببرامج عملية تناسب المرحلة المقبلة ، لكن وجودنا في موسكو بامكانيات الاقتصادية الضعيفة جدا وعدم القدرة على تطوير العمل الصحفي المستقل والذي يمكن ان يساهم تنظيم العمل الصحفي ليس على مستوى الثورة السورية وانما على مستوى الثورات العربية، جعلنا نعتمد في عملنا على سياسة التوثيق الصحفي فقط لتقديم دراسات صحفية علمية في المستقبل.

كاتب وباحث إعلامي مختص بالإعلام السياسة والدعاية .

شاهد أيضاً

اوك

العالم يخسر التراث الثقافي لأوكرانيا بسبب العدوان الروسي

مكسيم دورهان / تواصل روسيا سياستها المتعمدة في تدمير ليس فقط المنشآت العسكرية، بل وأيضًا …

اترك تعليقاً